وصلت البرازيل إلى بطولة كأس العالم 1962 في شيلي وهي المرشح الأول للقب،
لكنها في المباراة الثالثة من الدور الأول أمام أسبانيا كانت قريبة من
التعرض لخسارة كان من الممكن أن تتسبب في إضاعة حلم الاحتفاظ باللقب.
وذكر نيلتون سانتوس أحد نجوم الفريق الأسطوري في مقابلة مع وكالة الأنباء
الألمانية (د ب أ) "لم أكن أرتكب تقريبا ضربات جزاء على الإطلاق... لكن في
ذلك اليوم وأسبانيا متقدمة 1/صفر، أوقفت بضربة جزاء هجمة مرتدة لهم. وعلى
الفور أبعدت الكرة ورفعت يداي. كان الحكم بعيدا واحتسب ضربة حرة. لو كانت
أسبانيا قد أحرزت هدفا ثانيا لكنا خسرنا المباراة. بدأنا الفوز باللقب
هناك".
وربما لو كان ألفريدو دي ستيفانو أفضل لاعبي ذلك العصر على أرض الملعب
لاختلفت الأمور. لكن المهاجم الأرجنتيني، الذي كان قد حصل على الجنسية
الأسبانية في ذلك الحين، كان مصابا وتبددت فرصته في اللعب في كأس العالم
مثل ركلة الجزاء تلك التي تحولت على يد الحكم لضربة حرة.
ولكن يبقى لدي ستيفانو، الذي يضعه الجميع إلى جانب مارادونا وبيليه
وبيكنباور وكرويف كعظماء كرة القدم الخمسة على مر التاريخ، عزاء يتمثل في
مشاركته تلك اللحظة مع زملائه.
وأكد الرئيس الشرفي لريال مدريد /83 عاما/ في مقابلة مع وكالة الأنباء
الألمانية (د ب أ) “شاركت في إحدى بطولات كأس العالم... كنت مع اللاعبين ،
يسافر 22 لاعبا مع المنتخب، أليس كذلك ؟ لم أتمكن من اللعب بسبب إصابة في
العمود الفقري، وكنت أتدرب مع زملائي. لو لم أكن أحرزت الهدف في مرمى ويلز
لما تمكنت أسبانيا من التأهل. كأس العالم تبدأ قبل موعدها وأنا كنت هناك.
كنت لاعبا دوليا وتأهلنا إلى كأس العالم لكن ذلك ما حدث، إصابة في الظهر
ولم أتمكن من المشاركة".
وما حدث هو أن أسبانيا لم تحرز هدفا من الضربة الحرة أمام البرازيل،
واعتبارا من تلك اللحظة بقي الطريق مفتوحا أمام "استعراض" جارينشا، الذي
أهدى إلى أماريلدو تمريرتين رائعتين أسفرتا عن فوز الفريق 2/1 على
الأسبان، ليبدأ المسيرة التي ستجعل من شيلي 1962 "كأس جارينشا".
ويتذكر نيلتون سانتوس الذي كان أقرب أصدقاء الهداف الأسطوري حتى وفاته عام
1983 "جارينشا فعل كل شئ. كان رائعا، ومختلفا عن الجميع. عادة ما يحاول
المهاجمون الإفلات من مراقبيهم، والهروب منهم. أما جارينشا فلا ، كانت
تمتعه مواجهتهم، والمرور منهم. كان يلعب دائما كما لو كان في باو جراندي
(مسقط رأسه)".
وفي تلك البطولة، سعى نيلتون سانتوس إلى الاستفادة بأكبر قدر من تلك الأفضلية التي يتمتع بها جارينشا.
وأضاف "قبل كل مباراة، كنت أؤكد له أن أحد مدافعي الفريق المنافس أكد أن
بمقدوره إيقافه. وهو كان يشعر بالغضب ويسأل : من هو؟ فكنت أرد عليه : لم
يذكر اسمه، لذا عليك تجنبا للشكوك المرور من الجميع. وهو ما كان يفعله".
وكأكبر الأعضاء سنا في الفريق الذي مثل البرازيل في شيلي، لعب نيلتون
سانتوس دورا كبيرا كطبيب نفسي خلال البطولة، ولاسيما بعد أن أصيب بيليه في
المباراة الثانية من الدور الأول أمام تشيكوسلوفاكيا، وكان لابد من
استبداله خلال بقية البطولة بالمهاجم أماريلدو.
ومع علمه بالمسئولية الملقاة على كاهل زميله في بوتافوجو، حاول نيلتون
سانتوس تهدئة أماريلدو ومنح نفسه مهمة "المراقب" للحالة المزاجية للمهاجم
لتجنب وقوعه في لعبات عنيفة قد تضر بالفريق.
يقول "أخبرته أنه ما من أحد ينتظر منه أن يفعل ما فعل بيليه، وأن عليه فقط أن يلعب كما يفعل في بوتافوجو وحاولت مراقبته عن كثب".
ومع وصول سنه إلى السابعة والثلاثين في كأس العالم بشيلي ، كان على
المسئولين والجهاز الفني للمنتخب الوطني الكفاح من أجل إقناعه بالمشاركة
في البطولة.
ويقول "لم تكن الصحافة تؤيد استدعائي، كانوا يعتقدون أنني أصبحت هرما،
وأنا نفسي لم أكن أرغب في الذهاب. كنت أعتقد بأنني قد بلغت بالفعل كل ما
يمكن للاعب كرة أن يحققه بعد تحقيق لقب كأس العالم في السويد".
ولكن نيلتون سانتوس /85 عاما/ يرى أن لقب كأس العالم في شيلي كان تتويجا لمشواره، الذي انتهى بعد ذلك بعامين في 1964 .
وبين نبرة سعيدة وأخرى مليئة بالحنين ، يؤكد اللاعب الذي اختير عام 1998
في فريق "القرن العشرين" كأفضل ظهير أيسر في التاريخ "كان هناك في
البرازيل لاعبون كبار، مثل ليونيداس وزيزينيو، لم يتمكنوا قط من تحقيق لقب
في كأس العالم. أنا فزت بكل شئ ، خضت 34 مباراة نهائية في 17 عاما، وحصدت
كل الألقاب".