في البرازيل ، أصبحت بلدة فيجيس الراقية في جبال الألب السويسرية رمزا لكل
ما يجب على المنتخب البرازيلي الأول لكرة القدم أن يتجنبه إذا ما أراد
الفوز بكأس العالم.
ويرفع الناس في "بلد كرة القدم" شعار "لا لفيجيس إلى الأبد" حيث لاتزال
المدينة الصغيرة تعاني من صورتها كمقر للمعسكر الاستعدادي الذي أقامه
المنتخب البرازيلي قبل مشاركته في مونديال 2006 بألمانيا.
ويواجه المنتخب البرازيلي الحالي الذي يستعد للمشاركة بنهائيات جنوب
أفريقيا 2010 تحدي محو الصورة السلبية للفريق قبل أربعة أعوام من ذاكرة
الجماهير تماما ، عندما فشل منتخب السامبا في إحراز لقب كأس العالم وانتهى
به الأمر إلى الخروج من منافسات دور الثمانية.
وبدأت المشاكل في المعسكر البرازيلي المكتظ بالنجوم خلال نهائيات 2006
تقريبا على الفور بمجرد نزول اللاعبين للمشاركة بأول تدريب لفريقهم ولم
يحاول مدرب الفريق آنذاك كارلوس ألبرتو باريرا حل هذه المشاكل في الوقت
المناسب ليفشل الفريق في تجنب الهزيمة في دور الثمانية أمام المنتخب
الفرنسي بقيادة نجمهم الكبير زين الدين زيدان.
وانضم العديد من اللاعبين إلى صفوف منتخب البرازيل في 2006 بعد قضاء ساعات
طويلة في السفر عبر مسافات شديدة التباعد. ووصل وزن مهاجم الفريق رونالدو
على سبيل المثال وقتها إلى 96 كيلوجراما أي أكثر بعشرة كيلوجرامات من وزنه
عندما أحرزت بلاده لقبها الخامس في كأس العالم عام 2002 بكوريا الجنوبية
واليابان. واشتكى جميع اللاعبين تقريبا وقتها من الإرهاق الشديد بعد موسم
طويل ومكثف في مسابقات الدوري الأوروبية.
وواصل باريرا تطبيق الحد الأدنى من التدريبات مع فريقه مدعيا أنه بحاجة
"لاستعادة عافية" لاعبيه ، ووصل عدد الجماهير في مدرجات الملاعب التي
استضافت تدريبات المنتخب البرازيلي إلى نحو خمسة آلاف شخص. وأفرط باريرا
في كرمه مع الفريق فكان يمنح اللاعبين راحة من التدريبات خلال النهار
والليل.
وفي إحدى تلك الليالي ، التقطت صور للنجوم رونالدو وروبرتو كارلوس
وأدريانو وروبينيو بين لاعبين آخرين وهم يقضون سهرة في ملهى ليلي بمدينة
لوتسرن حيث كانوا يلهون خلال الليل في الوقت الذي كان منافسوهم على لقب
كأس العالم يخوضون تدريبات شاقة ويخضعون لأنظمة صارمة.
وكانت نتيجة ذلك كارثية على منتخب البرازيل ، فمنتخب السامبا الذي يقف
دائما فوق مستوى الترشيحات لم يقدم أداء مقنعا واحدا خلال مشواره بمونديال
2006 واستحق تماما الخروج المبكر من منافسات البطولة.
وفي نهاية مشواره المتواضع في 2006 وقبل أن يترك منصبه كمدرب للمنتخب
البرازيلي اعترف باريرا الذي طالما وصف نفسه بأنه "مدير فني موهوب وليس
مجرد مدرب" بأنه يخشى رد فعل الجماهير البرازيلية وطالبهم بعدم تعليق
المشانق له.
ولكن المشانق علقت بالفعل وكان باريرا هو أول الضحايا ، فبمجرد عودة
الفريق إلى البرازيل أقيل المدرب المخضرم المعروف بكفاءته الخططية من
منصبه.
وحل كارلوس دونجا محل باريرا في تدريب المنتخب البرازيلي ، ورغم عدم تمتعه
بأي خبرة تدريبية مع أي فريق من قبل فقد كان انتظامه وجديته كلاعب كافيان
لإثبات أنه النقيض المثالي لباريرا لمعالجة الأجواء داخل فريق 2006 .
وكانت مهمة دونجا الأولى هي إزالة أي أثر لعمل المدرب السابق للفريق
فاستدعى لاعبين غير معروفين للانضمام إلى المنتخب الوطني وأثبت وجهة نظره
بأن الموهبة بمفردها لن تؤهل أحدا للانضمام إلى منتخب السامبا.
وقال دونجا محذرا : "إن اللعب في صفوف المنتخب البرازيلي لم يعد مسألة
فنية بحتة وإنما مسألة إلتزام وهذا الأمر ليس مطلبا شخصيا لي وإنما مطلب
جماعي".
ونجح دونجا في التصدي للانتقادات الشديدة التي واجهها في بدايته كمدرب
وللتشكيك المستمر في قدراته ولصفارات الاستهجان التي تلقاها في العديد من
المباريات عن طريق تحقيق نتائج جيدة على أرض الملعب تضمنت لقب كأس أمريكا
الجنوبية "كوبا أمريكا" لعام 2007 ولقب كأس القارات عام 2009 والمركز
الأول بتصفيات أمريكا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 2010 ، واتخذ كل
التدابير الممكنة لتجنب اصطحاب ما يطلق عليه "شبح فيجيس" معه إلى جنوب
أفريقيا.
وبخلاف ما كان يحدث في عهد باريرا ، لم تعد تدريبات المنتخب البرازيلي تحت
قيادة دونجا ترفيهية على الإطلاق. وتتضمن هذه التدريبات تمرين مطول على
تسديد الضربات الحرة وعدد من الضربات الثابتة الأخرى التي كانت وسيلة
إحراز البرزيل لمعظم أهدافها في بطولة كاس القارات على سبيل المثال.
ومع تطلعه لبطولة كأس العالم التي تنطلق منافساتها في 11 حزيران/يونيو
المقبل ومن أجل تعزيز إلتزام لاعبيه تجاه جماهيرهم في الدولة الأمريكية
الجنوبية فمن المنتظر أن يبدأ المنتخب البرازيلي استعداده لمونديال جنوب
أفريقيا بمعسكر تدريبي يمتد لخمسة أيام في مدينة كوريتيبا بجنوب البرازيل
قبل سفره إلى جنوب أفريقيا.
وسيحافظ باريرا على خصوصية اللاعبين بأي ثمن عن طريق الاستعانة بالإجراءات
الأمنية الصارمة ، أما الفندق الفاخر بجوهانسبرج الذي سينزل فيه منتخب
البرازيل خلال مباريات الدور الأول من كأس العالم فلن يتمكن الزوار غير
المصرح لهم بالنزول فيه. بينما سيجري الفريق تدريباته في ملعب كريكيت
بإحدى المدارس المحلية بعيدا عن الأنظار.
وقال دونجا : "من بين الأشياء التي لا يمكن حدوثها هو تعرض الفريق لأي نوع
من المضايقات لدى وصوله ، فاللاعبون الذين سينزلون الملعب يجب أن يتدربوا
في هدوء لكي يقوموا بعملهم. نحتاج الخصوصية".
وأكد المهاجم روبينيو ، أحد الناجين القلائل من منتخب 2006 ، أنه ليس
منزعجا من التغيير الكبير في نظام الفريق بل وأبدى شعوره بالارتياح مع
تطبيق هذا النظام الصارم في التدريبات والإلتزام.
وقال روبينيو : "لن نكرر أخطاء 2006 أبدا ، فقد أصبحت مجموعة المنتخب
الوطني منغلقة على نفسها وشديدة التركيز ومستعدة تماما لكأس العالم
المقبل. لقد حقق دونجا هذا الإنجاز عن جدارة فعندما يتوحد المنتخب
البرازيلي يكون من الصعب للغاية أن يقهر".
